سورة غافر - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)}
{إِنَّ الذين يُجَادِلُونَ} يعني كفار قريش {إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ} أي تكبر وتعاظم، يمنعهم من أن يتبعوك أن ينقادوا إليك وقيل: كبرهم أنهم أرادوا النبوة لأنفسهم، ورأوا أنهم أحق بها، والأول أظهر لأن إرادتهم النبوة لأنفسهم حسد، والأول هو الكبر {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} أي لا يبلغون ما يقتضيه كبرهم من الظهور عليك، ومن نيل النبوة {فاستعذ بالله} أي استعذ من شرهم لأنهم أعداء لك، واستعذ من مثل حالهم في الكبر والحسد، واستعذ بالله من جميع أمورك على الاطلاق.


{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59)}
{لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} الخلق هنا مصدر مضاف إلى المفعول، والمراد به الاستدلال على البعث، لأن الإله الذي خلق السموات والأرض على كبرها، قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها، وقيل: المراد توبيخ الكفار المتكبرين، كأنه قال: خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، فما بال هؤلاء يتكبرون على خالقهم، وهم من أصغر مخلوقاته وأحقرهم، والأول أرجح لوروده في مواضع من القرآن لأنه قال بعده: {إِنَّ الساعة لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا} فقدم الدليل، ثم ذكر المدلول.


{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الدعاء هنا هو الطلب والرغبة، وهذا وعد مقيّد بالمشيئة، وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب له، وقيل: أدعوني هنا: اعبدوني بدليل قوله بعده: {إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» ثم تلا الآية: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} لكم على هذا القول بمعنى أغفر لكم أو أعطيكم أجوركم. والأول أظهر، ويكون قوله: {يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} بمعنى يستكبرون عن الرغبة إليّ كما قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه» وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة، لأن الدعاء يظهر فيه افتقار العبد وتضرعه إلى الله {دَاخِرِينَ} أي صاغرين.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15